أكد سعادة سلطان بن سالمين المنصوري، سفير دولة قطر لدى الصين أن رؤية قطر الوطنية 2030 التي تهدف إلى توفير مستوى معيشة مرتفع لجميع المواطنين بحلول عام 2030، بتلبية احتياجات اليوم دون الإضرار باحتياجات الغد، وإدارة النمو، والحفاظ على التوازن بين القطريين والمقيمين، والإشراف البيئي الجيد، وتتطلع إلى تحقيق التنمية في جميع المجالات، ومبادرة " الحزام والطريق" الصينية التي تهدف إلى تكامل الاستراتيجيات التنموية للدول المعنية فرصة لتعزيز العلاقات القطرية-الصينية والدفع بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
قال السفير في لقاء مع صحيفة الشعب اليومية اونلاين يوم 13 ديسمبر 2017 بمناسبة العيد الوطني القطري، أن العلاقات القطرية ـ الصينية شهدت تطورا وتقدما سلسا ومستمرا طوال الـ 29 عاما حتى وصلت اليوم إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. مضيفا، أن تطور العلاقات بين البلدين
مرت بثلاث مراحل رئيسية وهي مرحلة التأسيس بدأت عام 1988 عندما تم تأسيس البعثات الدبلوماسية بين البلدين، وهي المرحلة الاولى التي تم خلالها عمل اتفاقيات في مجال التعليم والرياضة والتبادل التجاري وتبادل الزيارات بين البلدين، ومرحلة زيارة الأمير الوالد حمد بن خليفة آل ثاني في عام 1999، التي تعتبر زيارة تاريخية أسست على إثرها عدد كبير من الاتفاقيات منها اتفاقية تصدير الغاز إلى الصين ،واتفاقية الازدواج الضريبي واتفاقيات تجارية واقتصادية وتعزيز العلاقات التعليمية والثقافية والرياضية بين البلدين، وقد شهدت المرحلة الثانية من العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا ومستقرا طيلة الفترة قبل 2014، العام الذي دخلت فيه العلاقات الثنائية المرحلة الثالثة بزيارة الامير تميم بن حمد آل ثاني إلى الصين حيث طرأ على بنية العلاقات بين البلدين تحولا رئيسيا واستراتيجيا هاما، حيث أعلن عن قيام شراكة استراتيجية بين البلدين، كما شهدت توقيع دولة قطر ولجنة الدولة للتنمية والاصلاح مذكرة تفاهم في دفع التعاون في بناء "الحزام والطريق".
وأشار السفير إلى أن قطر من أوائل الدول التي دعمت مبادرة "الحزام والطريق" وشاركت في تشكيل لجان مشتركة لتفعيل المبادرة، مؤكدا أن قطر تدرك منذ البداية القيمة التاريخية لهذه المبادرة وشعرت بأهميتها فبادرت بدعمها عمليا ووقعت اتفاقا مع الصين للتعاون لتنفيذ مشاريع البنية التحتية للحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وحددت قطر دورها في هذه المبادرة بشركاء رئيسيين وليس محطات مرور. مضيفا، أن مبادرة "الحزام والطريق" فرصة جديدة للعلاقات بين البلدين ومجمل قارة آسيا والعالم، حيث فتحت آفاقا جديدة لنمو وازدهار مشترك لعقود طويلة قادمة. مضيفا، نجحت قطر في تعزيز آليات المبادرة، وفي عام 2015 تم افتتاح مركز المقاصة بالرينيمبي في الدوحة والذي يخدم قطر ومنطقة الشرق الأوسط وجزء من افريقيا، كما كانت قطر من مؤسسي البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ولها بصمة جيدة في هذا البنك. مضيفا، التبادلات القطرية-الصينية لا تقتصر على المستوى التجاري والاقتصادي، وإنما على المستوى الثقافي أيضا، حيث نجحت قطر في تنظيم فعاليات العام الثقافي قطر- الصين 2016، للرفع من مستوى التبادل الثقافي والتواصل الحضاري، في مجالات مختلفة، بعقد انشطة ثقافية كبيرة بين البلدين ادت ثمارها بتعريف الشعب القطري بالثقافة الصينية وتعريف الشعب الصيني بثقافة دولة قطر.
وحول التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين، قال السفير أن في ظل تراجع سعر الغاز والنفط في العالم، حرصت قطر على تعزيز تنوع مصادر الدخل، وأسست جهاز قطر للاستثمار الذي بدأ يتطور مع مرور السنوات، وتم ادخال أموال فيه لمستقبل قطر واجيالها، ولدى الجهاز القدرة أن يساهم في الكثير من الاستثمارات في العالم، ويعتبر من أقوى الأجهزة الاستثمارية في العالم، ولديه الكثير من الرؤى، والكثير من الاستثمارات التي تعود بالنفع على دولة قطر. مضيفا، ترى قطر أن الاستثمار في الصين انسب استثمار في العالم، باعتباره سوقا واعدا ومستقرا ويتميز ببيئة تحتية مستكملة الاجراءات، وليس هناك مشاكل في ضخ الاموال في الصين، وأن لقطر شركاء مستثمرين صينين، واستثمارات قطرية في الصين تصل إلى حوالي 20 مليار دولار، كما للصين استثمارات مهمة جدا في قطر مثل ميناء حمد التجاري، الذي يعد واحداً من أكبر الموانئ البحرية في المنطقة العربية، ما يساهم في إثراء التجارة المتبادلة بين الدوحة والعالم، ومطار حمد الدولي في العاصمة الدوحة الذي تنطلق منه الخطوط القطرية إلى معظم المدن الكبرى في البر الرئيسي ،وهونغ كونغ. مشيرا إلى النسخة الثالثة من معرض "صنع في الصين" الذي تنظمه غرفة قطر وتشارك فيه نحو مائة شركة صينية كبيرة ومتوسطة، تمثل مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية في الصين، والذي أسس ضمن آليات مبادرة "الحزام والطريق"، ويعتبر منصة كبيرة ومهمة وفعالة للشركات الصينية لتتقابل وجها لوجه مع الشركات القطرية المحلية والإقليمية في المنطقة، وتتطلع قطر إلى أن يتحول المعرض إلى معرض عالمي. منوها إلى أن التبادلات التجارية بين البلدين بلغت حوالي 7 مليار دولار عام 2016، منخفضة نسبيا عن عام 2014 التي حققت 11 مليار دولار بسبب انخفاض سعر النفط والغاز، حيث تعتبر قطر مصدر الرئيسي للغاز وتمد الصين تقريبا بـ 40 % من احتياجاتها الغازية، ويتوقع ان يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى حوالي 8 مليار دولار هذا العام.
كما قال السفير، إن التبادلات التعليمية بين قطر والصين شهدت تطورا كبيرا لمدى اهتمام دولة قطر في بنية التعليم والدراسات، واستطاعت قطر ان تنجح في احتضان مدينة تعليمية بها أشهر الجامعات في العالم تدرس في قطر بنفس المنهج الذي تدرس به في بلدانها، وهناك اقبال شديد من دول العالم على الدراسة في دولة قطر وخاصة في المدينة التعليمية. مضيفا، أن الصين لا تدخر جهدا ليكون هناك تعاون بين البلدين في التعليم بين جامعة قطر وجامعة بكين، وكرسي جامعة قطر للدراسات العليا في جامعة بكين، والذي تمّ إنشاءه في 2014. وبالإضافة إلى التعاون بين البلدين في التعليم والصحة، يرى السفير أن هناك نجاحات تحققت بعد تخطيط سليم وفكر سليم في الكثير من المجالات، منها مجال الرياضة، يسهم فيها كثيرا، حيث نظمت قطر بطولات عالمية مثل أسياد 2006، كما شهدت بطولات عالمية في كرة اليد ومسابقات ألعاب القوى وتوجت في كرة القدم باحتضان كاس العالم 2022، وهو فخر لقطر وكل الشعوب العربية والاسلامية وقارة اسيا بحكم أن المسابقة هي في دولة قطر التي تقع في اسيا. مضيفا، أن أمير قطر الأمير تميم بن حمد آل ثاني أكد خلال زيارته إلى الصين أن قطر تثق بالشراكة الصينية والمنتوج الصيني وقدرة الصين على انجازات المشاريع العملاقة وتم تنسيب الكثير من المشاريع العملاقة للصين من ضمنها الشركات الصينية تشاينا هاربر التي تقوم بإنجاز ملعب لوسيل وهو الملعب الأولمبي الكبير، الذي سيتم فيه افتتاح واختتام كأس العالم، ويعتبر من أكبر الملاعب الرياضية في العالم.
كما أشار السفير إلى فتح قطر المجال السياحي للصين بتوقيع اتفاقية السياحية بين البلدين لتنظيم افواج السياحية وإلغاء هذا العام للتأشيرة السياحية ويمكن للسائح الصيني أن يحصل على التأشيرة السياحية لمدة شهر عند وصوله للمطار. مضيفا، تتطلع قطر إلى الفوز ولو بجزء بسيط من سوق السياحة الصيني الكبير.
وهنأ السفير الصين حكومة وشعبا عن نجاح عقد المؤتمر ال 19 للحزب الشيوعي الصيني، وإعادة انتخاب سكرتير عام الحزب، فخامة الرئيس شي جين بينغ، وما حققته من نتائج اذهلت العالم اجمع من حيث الرؤية والخطة التي سيطبقها، ما يدل على إصرار الحزب وعزيمه على نقل الصين إلى مستوى أفضل. مؤكدا قدرة الصين على التأقلم مع التحديات التي تمر بها، وقد اثبتت ذلك طيلة عملية الإصلاح والانفتاح، وما حققته من قفزة كبيرة في التنمية الاقتصادية واحتلالها المرتبة الأولى عالميا، في الاقتصاد العالمي، وستصل إلى مستويات أكبر في كل المجالات.
وحول الدبلوماسية الصينية في العصر الجديد، قال السفير، أن الصين حافظت منذ تأسيها على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتسعى إلى حل القضايا سلميا وبحكمة، وإيجاد حلول تخدم كل الأطراف وترك مساحة للحوار. مضيفا، أن الصين بإطلاق مبادرة "الحزام والطريق" ونتائج المؤتمر ال 19 للحزب الشيوعي الصيني ستعزز انفتاحها على العالم وإعطاء مساحة أكبر للدبلوماسية الشعبية التي تقرب الشعوب أكثر من الدبلوماسية العادية، حيث تعمل على تعزيز العلاقات بين جمعيات الصداقة والدول الأجنبية. ويعتقد السفير أن مشاركة الصين مع العالم ستشهد تعزيزا وتخرج من بوتقة الهموم الداخلية إلى نظرة شمولية أكبر، وأن هذا لا يمكن أن يتحقق إذا ما ساهم العالم أيضا بفتح الباب لها في محاولة لفهمها أكثر.