نفذت الصين عشرة خطط خمسية منذ عام 1952 حتى الآن. وقد أحرزت هذه الخطط نجاحاً مدهشاً وقفزت قوة الصين الاقتصادية إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وتنفذ الصين حالياً الخطة الخمسية الثالثة عشر 2016-2020. وتشير كافة المؤشرات بأن الصين التي كان النمو لديها يتراوح من 8 – 13 في المائة من وقت قريب، دخلت مرحلة جديدة أطلق عليها الاقتصاديون الصينيون "الوضع الطبيعي للاقتصاد" وتحولت الصين من دولة تجارية كبرى إلى دولة تجارية قوية" وحسب رؤيتهم الجديدة فأنه من المهم التحول من نمط الاقتصاد القديم القائم على التصدير والاسثمار إلى نمط جديد قائم على الخدمات وتحفيز الاستهلاك الداخلي وحماية البيئة ، وحسب هذا الاتجاه الذي ما عاد يركز على نسب النمو الاقتصادي فأن النمو الاقتصادي يجب أن يستقر عند حدود 6 - 8 في المائة بإعتبارها نسبة جيدة. وتنهمك الصين حالياً في تنفيذ الخطة الخمسية ال13 والتي تقوم على خمسة أعمدة وهي الابتكار التنسيق، التنمية الخضراء، تقاسم عائدات التنمية، الانفتاح. وسيتضاعف حسب هذه الخطة دخل الفرد الصيني في المدن والأرياف إلى الضعف بحلول عام 2020 قياساً للدخل في عام 2010 ليبلغ متوسط الدخل 20000 دولار أمريكي سنوياً. علماً بأن الحكومة حددت نسبة نمو لعام 2017 تقدر 6.5 في المائة وتوفير فرص عمل لحوالي 11 مليون شخص في المدن والأرياف. علماً بأن تقديرات معظم المؤسسات المالية الدولية بما فيها البنك الآسيوي للتنمية تشير إلى أن الاقتصاد الصيني سينمو بنهاية عام 2017 بحوالي 6.7 في المئة . والجدير بالذكر بأن الصين لا تزال المقصد الأول للإستثمارات في آسيا ، فقد استطاعت أن تجتذب في عام 2016 استثمارات أجنبية مباشرة تقدر وبحوالي 785 مليار يوان صيني.
من الملاحظات المهمة في بنية الاقتصاد الصيني هو الدور الرئيسي الذي يقوم به القطاع الخاص في نمو الاقتصاد في الصين فحسب احصاءات عام 2016 فقد أسهم هذا القطاع بحوالي 60% من حجم الاقتصاد الصيني وبنحو 80% من التوظيف وخلق الوظائف ، و50% من واردات الضرائب.
قد أنشأت الصين نظام اقتصاد السوق الاشتراكي الكامل نسبياً. وتعزز الدور الأساسي للسوق في توزيع الموارد بصورة ملحوظة، وتكامل نظام التنسيق والسيطرة الكلية يوماً بعد يوم، وتشكل الهيكل الذي يكون فيه اقتصاد الملكية العامة قواماً وتتطور فيه الاقتصادات المتعددة الملكية، مثل الاقتصاد الفردي والاقتصاد الخاص وغيرهما من الاقتصادات غير العامة، سوية من حيث الأساس ، وبحلول عام 2020 سيتم إنشاء نظام اقتصاد السوق الاشتراكي الناضج نسبياً في الصين.
قبل عام 1978، لم يكن في الصين غير اقتصاد الملكية العامة، وشكلت المؤسسات الحكومية 77.6% والمؤسسات الجماعية 22.4% . وقد أتاح الاصلاح والانفتاح مجالا واسعاً للتنمية المشتركة للعناصر الاقتصادية المتنوعة. حتى الآن، تم إصلاح المؤسسات الحكومية الصينية بنظام الشركة من حيث الأساس ، وتتعزز قدرتها على التحكم في الإقتصاد الوطني ككل والتأثير فيه وحفزه بلا إنقطاع . ويتشكل حالياً الاقتصاد الصيني من قطاعات ثلاثة وهي الاقتصاد الحكومي ، والاقتصاد المختلط ، والاقتصاد الأهلي، في تكوين إجمالي الناتج المحلي. يتمتع الاقتصاد الحكومي بالتفوق المطلق في قطاعات سكك الحديد والطيران المدني والبريد والاتصالات وإمداد المياه والكهرباء والغاز في المدن وغيرها من قطاعات البنية الأساسية، إلى جانب مجالات البحث العلمي والتعليم والدفاع الوطني والمالية. أما الاقتصاد الأهلي فيشهد تطورا سريعا، حيث بدأت كثير من المؤسسات الأهلية تتركز في الصناعات ذات المكونات المعرفية والعلمية والتكنولوجية العالية نسبيا بدلاً من البيع بالتجزئة والأغذية والخدمات وغيرها من القطاعات التقليدية.
في عام 2008 ظهرت لأول مرة مؤسسات غير حكومية من بين 26 مؤسسة ببر الصين الرئيسي مدرجة في قائمة أكبر 500مؤسسة أكبر بالعالم. وصارت المؤسسات غير العامة أساساً في دفع التنمية القطاعية، وتجاوزت نسبة القطاع غير العام 50% في 27 من 40 قطاعا صناعياً، و70% في بعض القطاعات. نلاحظ أن المؤسسات غير العامة قد تفوقت في التجارة الخارجية وإسهام الدخل الضريبي واستيعاب العاملين، على المؤسسات الحكومية بصورة واضحة وأصبحت قوة رئيسية . الجدير بالتأكيد أنه بعد اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008 ، ورغم أن تنمية الاقتصاد غير العام تأثرت بها كثيراً نسبياً، إلا أن المؤسسات غير العامة الكثيرة كانت تلبي دعوة الدولة، ولم تخفض عدد العاملين فيها ولم تخفض رواتبهم ولم تتأخر في دفع رواتيهم بقدر المستطاع، خلال فتراتها الصعبة، بل عملت على حماية الحقوق والمصالح المشروعة للعاملين، ووقفت مع الحكومة جنباً إلى جنب لمواجهة الأزمة سوياً، فأصبحت قوة هامة لحماية الاستقرار الإجتماعي ودفع التنمية المتناغمة.
ويرى الاقتصاديون الصينيون أنه لتعميق وإصلاح النظام الاقتصادي الصيني حالياً يجب أن يتحقق التالي:
- الجمع بين الحفاظ على النمو الاقتصادي وتعديل الهيكل الاقتصادي ، والتركيز على إكمال وتحسين آلية نظامية لدفع تحويل نمط التنمية الاقتصادية.
- الجمع بين إكمال وتحسين التنسيق والسيطرة الحكومية وإظهار دور السوق ، والتركيز على تفجير الطاقة المحركة الداخلية والحيوية للتنمية الاقتصادية.
- الجمع بين دفع البناء الاجتماعي وابتكار نظام الخدمات العامة، والتركيز على إكمال وتحسين آلية ضمان معيشة أبناء الشعب.
- الجمع بن رفع العائدات الاقتصادية والإنصاف الاجتماعي، والتركيز على تشكيل آلية نظامية لدفع التناغم والاستقرار الاجتماعيين.